كتبت نادرة شلهوب كيفوركيان أن الاقتصاد الإبادي في غزة يعكس منظومة موت منظمة، حيث تتحول أجساد الأطفال والرضع إلى رموز عنف سياسية. بدأت تحليلاتها استنادًا إلى شهادات فلسطينية منذ النكبة عام 1948 وحتى المجازر المستمرة اليوم، لتظهر كيف يفرض الموت على أجساد الأكثر ضعفًا في البيوت والمدارس والمستشفيات.
يشير ميدل إيست آي إلى شهادات صادمة مثل أم من غزة، فاطمة، التي فقدت أطفالها جوعًا، وعثر على بقاياهم متناثرة بعد محاولتها إحضار الطعام لهم، وكذلك حديث الرضع الذين تُركوا ليتحللوا في الحاضنات بمستشفى ناصر. هذه المشاهد تكشف الرعب العادي الذي يعتمل في أجساد الأطفال والأماكن الأكثر حماية، وتظهر كيف تتحول أجسادهم إلى أدوات لتأكيد حدود بين الإنسان وغير الإنسان في العقل الاستعماري.
توضح نادرة أن الاحتلال الإسرائيلي يمارس عنفًا منهجيًا على الفلسطينيين، بدءًا من التدمير المباشر للمنازل والمدارس والمستشفيات، مرورًا بتعمد التجويع والإهمال، وصولًا إلى قصف الأسر بالكامل. يظهر هذا العنف في الانتهاكات اليومية، مثل التفجيرات المصورة للاحتفال بولادة طفل، بينما تُترك الرضع في الحاضنات أو تُقتل العائلات. تؤكد أن هذه الأفعال تكشف عن منظومة إرهاب إبادي تؤكد مركزية الموت في المشروع الاستيطاني الاستعماري.
تعتمد تحليلاتها على مفهوم الفيلسوف فرانز فانون حول الفروق الوجودية، حيث يُحرم الفلسطينيون من إنسانيتهم عبر التعرض المباشر للعنف، وتظل أجسادهم وكياناتهم مفككة ومهددة دائمًا بالموت. يربط العنف الممنهج على الأطفال والمجتمع الفلسطيني بالسياسات الاستعمارية الاستيطانية التي تُبقي الفلسطيني دائمًا في حالة موت جزئي أو كامل، وتفرض اقتصادًا إباديًا يدمج القتل الممنهج مع استراتيجيات السيطرة الاستعمارية.
تصف الكاتبة استعراض حالات الانتهاكات الأخيرة، مثل انفجار المباني للاحتفال بالولادة، باعتبارها رمزية لإظهار فرح المستوطنين على معاناة الفلسطينيين. توضح كيف يعكس هذا الفعل المتعمد السلوك العقائدي الاستعماري الذي يجد متعة في تدمير الجسد الفلسطيني، ويكشف الصلة بين الاستمتاع بالعنف والاحتلال الاستعماري، ليكون الموت المركزي في حياتهم اليومية.
تشير نادرة إلى أن الاقتصاد الإبادي يشمل جميع مستويات الحياة، من خلال التجويع، والتحكم في الموارد، وإهمال البنية التحتية الأساسية، وتجريد الفلسطينيين من قدرتهم على الاستمرار والحياة الطبيعية. يفرض الاحتلال حالة من اللاوجود على السكان، ويحول غزة إلى مقبرة جماعية للأحياء، ومسلخًا للقتل والإصابات، لتستمر النكبة بصورة مستمرة ومنهجية.
ترى الكاتبة أن هذه السياسات لا تهدف فقط إلى السيطرة السياسية، بل إلى تقويض الإنسانية الفلسطينية، وتحويل الأرض والجسد والاقتصاد إلى منطقة موت. تصف الاحتلال بأنه نظام نيكروبنولوجي يفرض الموت العنيف والمستمر على الفلسطينيين، ويكرس الهيمنة الاستعمارية من خلال أدوات وممارسات محددة تهدف إلى إبادة الإنسانية الفلسطينية.
تؤكد نادرة على أهمية قراءة هذه الأفعال من منظور إنساني وحقوقي، معتبرة أن واجب الباحثين والمجتمع الدولي يكمن في حماية الحياة والكرامة الفلسطينية، وليس في حماية الدولة أو أجهزتها الأمنية. يشدد التحليل على أن استمرارية النكبة تتطلب مواجهة الاحتلال وفضح سياساته الإبادية على جميع المستويات، من الجسد إلى الاقتصاد والمجتمع.
تخلص الكاتبة إلى أن الاقتصاد الإبادي الإسرائيلي في غزة يمثل استمرارية مجزرة ممنهجة، حيث تبقى أجساد الفلسطينيين دائمًا بين الحياة والموت، وتعكس سياسات الموت المستمر السيطرة الكاملة على الأرض والإنسان معًا، مما يثبت أن النكبة المستمرة ليست حادثة عابرة، بل مشروعًا متكاملًا للاستعمار والإبادة.
https://www.middleeasteye.net/opinion/gaza-we-are-witnessing-genocidal-economy-scale